في إطار إعادة الحياة إلى الوسط التجاريّ القديم للعاصمة القطريّة، يتبنّى مشروع “مشيرب قلب الدوحة” لغة معماريّة جديدة، تجمع بين القيم العصريّة الحديثة والقيم التقليديّة التي يزخر بها التراث القطري العريق. وبالرغم من أنّ هذه اللغة المعماريّة الجديدة تنبع من أصول تراثية وتقليدية خاصّة بالمجتمع القطري، إلاّ أنّها تستند في أساسها إلى مفردات وقيم تتشارك فيها البشريّة، بحيث يمكن تطبيقها في مشاريع عقاريّة أخرى حول العالم وتعميمها عليها.
هذه اللغة المعماريّة، التي أطلقت عليها “مشيرب العقارية” تسمية “المبادئ السبعة”، تركّز على تحقيق التكامل والاندماج المجتمعي من خلال التصميم الهندسي، بمعنى إنشاء أبنية ومجتمعات بطريقة تشجّع الترابط والتواصل بين مكوّنات المجتمع. حيث تصبّ هذه اللغة محور تركيزها على فكرة العائلة الممتدة، وروابط القرابة، والنشاط الاجتماعيّ، والاقتصاد المحليّ، والهويّة الجماعيّة، ورفع نسبة الوعي بالبيئة المحيطة. وقد جاءت هذه المبادئ ثمرة لأبحاث مكثفة استغرقت ثلاث سنوات، تم خلالها التطرّق إلى جميع جوانب العمارة القطريّة القديمة، بما فيها أنواع مواد البناء المستخدمة قديماً، والتصاميم المعتمدة، وأساليب تقسيم الأبنية وتوزيعها، وطرق تزيينها وزخرفتها. إلى جانب ذلك ، قد أخذت في الحسبان اعتبارات الاستمرارية والقيم العمليّة والجماليّة التي انطوت عليها أساليب العمران القطري في الماضي.
المبادئ السبعة
تعتبر اللغة الهندسية التي اعتمدها مشروع “مشيرب” ثمرة لثلاث سنوات من الأبحاث المشتركة، التي تعاونت الشركة خلالها مع العديد من الجهات العالميّة المرموقة، بما فيها دور الاستشارات الهندسية، والأكاديميّون، وخبراء تصميم التجمّعات العمرانيّة.
وقد انطلقت هذه الأبحاث بمجموعة من المتطلّبات التي ركّزت “مشيرب العقارية” على إيجادها، فكانت النتيجة لغة هندسية جديدة كليّاً، أطلقت عليها تسمية “المبادئ السبعة”، الأساس الذي ترتكز عليه فنون العمارة في قطر فيما تواصل البلاد السير بخطى حثيثة نحو المستقبل. وتقوم فكرة “المبادئ السبعة” على الجمع بين جماليات العمارة القطريّة القديمة وبين أحدث المفاهيم العصريّة في التصميم والتجهيز التكنولوجيّ. وهي تسعى في نهاية المطاف إلى استعادة العمارة القطريّة لأساليبها المتفرّدة والأفكار التي قامت عليها، لا سيما من حيث التواصل والترابط بين أبناء المجتمع الواحد.
-
مبدأ الاستمراريّة
١
تسعى “المبادئ السبعة” في أهمّ أدوارها، إلى تحقيق الاستمراريّة بين الماضي والحاضر والمستقبل، عن طريق إيجاد تصاميم وأساليب تحتفظ بقيمتها الجماليّة مهما مرّت السنوات وتعاقبت الأجيال. ولتحقيق هذه الاستمراريّة، لا بد من مراعاة التقاليد القديمة وتطبيقها بأساليب جديدة.
-
مبدأ تناغم الجزء مع الكلّ
٢
تسعى لغة “المبادئ السبعة” إلى تحقيق التناغم والانسجام، و تشجيع التعدّدية والتنويع في الأنماط التصميميّة ضمن أحياء المدينة، مع ارتكاز هذا التنوّع إلى أفكار محوريّة مشتركة وموحّدة، بحيث يتناغم الجزء مع الكلّ.
-
مبدأ استغلال المساحات وإعادة تحويل الأشكال
٣
بموجب هذا المبدأ، يتم النظر إلى المدينة كتصميم معماري تتغيّر معالمه مع مرور الوقت، بإضافة عناصر وأجزاء لا تتنافر معها بل تكمّلها. ووفقاً لهذا المبدأ، فإنّ أيّ مبنى يقام في المدينة لا يُعتبر كياناً قائماً مستقلاً بذاته، بل لَبِنة إضافيّة من اللَبِنات التي تتكوّن منها المدينة.
-
مبدأ خصوصيّة المنازل
٤
تسعى اللغة التصميميّة الجديدة إلى إيجاد بيئات استثنائيّة للسكن، يتمتّع معها السكّان بالخصوصيّة والأمان في منازلهم، وينطلقون من مساحاتها الفسيحة في الداخل إلى فضاءات رحبة تنتظرهم في الخارج، يتلاقون فيها مع محيطهم بشكل يعزز مشاعر الانتماء إلى أسرة واحدة ومجتمع متماسك.
-
مبدأ تفعيل دور الطرقات
٥
وفقاً لهذا المبدأ، يتم العمل على تفعيل الدور الذي تلعبه الشوارع والطرقات في حياة السكّان. ففي “مشيرب”، لا يُعتبر الطريق مجرد وسيلة للعبور من مكان إلى آخر، بل هو وسيلة قائمة بحدّ ذاتها للتمتّع بالعيش في هذه المنطقة. وتطبيقاً لهذا المبدأ، توفّر سكك الضاحية بيئة مظلّلة، تعطي الأولويّة للمشاة، وتحملهم في رحلة ممتعة تصل بهم إلى باقة من المرافق والخدمات المتنوّعة.
-
مبدأ مواكبة المناخ
٦
حرص هذا المبدأ على أن يواكب التصميم الهندسيّ الظروف المناخية، وأن يلعب دوراً في تمكين السكان من التأقلم مع تلك الظروف، للتنعّم بأكبر قدر من الراحة باستخدام أقلّ قدر من الطاقة والموارد. عملاً بهذه الفكرة، تسعى تصاميم مشيرب إلى توفير المساحات المظلّلة، والحدّ من تراكمات الحرارة، إلى جانب الاستفادة من العوامل الطبيعيّة مثل الشمس والرياح.
-
مبدأ تبني لغة عمرانيّة جديدة
٧
عملاً بهذا المبدأ، يتم استلهام فنون العمارة التقليديّة وأساليبها التي كانت سائدة قديماً في قطر، وسكبها في قالب عصريّ حديث، لابتكار لغة جديدة في مجال الهندسة المعماريّة. وتتميّز هذه اللغة بالمرونة، بحيث يمكن تطويع مفرداتها لابتكار “لهجات” جديدة إذا صحّ التعبير، بحيث تأخذ كلّ لهجة إتّجاهاً خاصّاً بها، وتحتفظ في الوقت ذاته بروابطها مع اللغة الأمّ.